هذا ، مع أنّه لنا أن نسأل ما المراد من تيقّن الاندراج ، هل المراد هو اليقين الفعليّ أو اليقين التّقديريّ؟ فإن كان المراد هو اليقين الفعليّ بإرادة المتكلّم من قوله : «لا تكرم الفسّاق» ، «فسّاق العلماء» فهذا ملازم للعلم الفعليّ الآخر وهو العلم بعدم إرادتهم من «أكرم العلماء» ، وواضح ، أنّ المورد حينئذ يخرج عن باب المتعارضين ، ولا يكون من موارد تعارض النّص والظّاهر جزما ، لمكان العلم الفعليّ بالمراد من كلّ من الدّليلين.
وأمّا إن كان المراد هو اليقين التّقديريّ ، بمعنى : أنّه إن صدر من المتكلّم «لا تكرم الفسّاق» وأراد منه حرمة إكرامهم جدّا ، كان فسّاق العلماء مرادا قطعا ، لكن من المحتمل عدم الصّدور أو عدم الإرادة الجدّيّة ، فلا وجه لتقديم ما اشتمل على المتيقّن من الدّليلين على غيره ؛ إذ مجرّد العلم بعدم انفكاك إرادة الفسّاق من العلماء عن إرادة «الفسّاق» ، لا يوجب صيرورة دليل «لا تكرم الفسّاق» كالنّص ؛ لعدم إيجاب العلم بالملازمة مع الشّكّ في وجود الملزوم ، للعلم بوجود اللّازم ، ومقتضى ذلك كلّه ، وقوع المعارضة بين الخطابين المذكورين في مادّة الاجتماع وهو «العلماء الفسّاق».
المورد الثّالث : ما إذا كان تخصيص أحد الدّليلين العامّين من وجه ، مستهجنا ، فذلك الدّليل على هذا التّقدير يكون نصّا في المقدار الّذي يلزم من إخراجه تخصيص الأكثر المستهجن ، فيقدّم على ما لا يلزم من تخصيصه هذا المحذور.
وفيه : أنّ التّقديم في الفرض إنّما يكون لأجل صيانة الكلام عن محذور الاستهجان ، وهذا أمر أجنبيّ عن باب الأقوائيّة في الظّهور والدّلالة للنّصّية أو الأظهريّة ، وكذا الحال ما إذا كان تخصيص أحدهما موجبا للغويّة بأن يكون