فيحكم فيه بصحّة الصّلاة لإجراء الأصل في واحد لا بعينه ، وعليه ، فما عن بعض الأعاظم قدسسره من جريان الأصل ـ على ما عرفت آنفا ـ مجال واسع ، فتأمّل.
فتحصّل : أنّه لو قيل : بشرطيّة الطّهارة الخبثيّة ، كان الشّرط هو الأعمّ من الطّهارة الواقعيّة والظّاهريّة ، فقوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك ...» ناظر إلى وجود الأمر الظّاهريّ وحصول الطّهارة الظّاهريّة حال الدّخول في الصّلاة ، لا إلى ما بعدها وحال رؤية النّجاسة ، فكأنّه عليهالسلام قال : «أنت في هذه الصّورة محرز للطّهارة الظّاهريّة حال دخولك في صلاتك ، لكونك متيقّنا بها قبل ظنّ الإصابة ، فشككت بعده ، ولا يجوز نقض اليقين بالشّكّ».
وبعبارة اخرى : التّعليل ناظر إلى وجود الأمر الظّاهريّ ، ومن المقرّر في محلّه ، أنّ الأمر الظّاهرىّ ، بل الاضطراريّ يكون كالأمر الواقعيّ والاختياريّ في الإجزاء.
ونتيجة : ذلك كلّه ، هو أنّه يصحّ الاستدلال بهذه الصّحيحة ـ أيضا ـ على حجّيّة الاستصحاب مطلقا حتّى في الشّبهات الحكميّة وفي صورة الشّكّ في المقتضي.
ومنها : الصّحيحة الثّالثة لزرارة ، قال : «قلت له : من لم يدر في أربع هو أو في ثنتين وقد أحرز الثّنتين ، قال : ركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء ، وإذا لم يدر في ثلاث هو ، أو في أربع وقد أحرز الثّلاث قام فأضاف إليها اخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشّكّ ، ولا يدخل الشّكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنّه ينقض الشّكّ باليقين ويتمّ على اليقين ، فيبني عليه ولا يعتدّ بالشّكّ في حال من الحالات». (١)
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ج ٢ ، ص ١٨٦ ، الحديث ٤١.