فصلّى مع كلّ منهما احتياطا ، ثمّ انكشف نجاستهما ، فبناء على القول بشرطيّة الطّهارة لزم بطلان كلتا الصّلاتين لوقوعهما مع النّجاسة الواقعيّة ولم تحرز الطّهارة ولو بالأصل ، لتساقط الأصلين في الطّرفين بالمعارضة ، وكذا على القول بمانعيّة النّجاسة الواقعيّة ، وأمّا بناء على القول بمانعيّة النّجاسة المحرزة فتصحّ إحدى الصّلاتين ؛ إذ المفروض عدم إحراز نجاسة كلا الثّوبين قبل الصّلاة.
وأجاب عن هذا التّوهّم بعض الأعاظم قدسسره بقوله : «إنّ العلم الإجماليّ مانع عن جريان الأصل في كلّ طرف بخصوصه لأجل المعارضة ، ولا مانع من جريان الأصل في أحد الطّرفين أو الأطراف لا بقيد الخصوصيّة إذا كان له أثر عمليّ ، كما في المقام ، فنقول : بعد العلم بنجاسة أحد الثّوبين مع احتمال نجاسة الآخر ، إنّ أحد الثّوبين نجس قطعا ، وأمّا الآخر ، فالأصل طهارته ، فيحكم بصحّة إحدى الصّلاتين في المثال». (١)
هذا ، ولكنّ الحقّ هو التّفصيل في الفرض المذكور بين الموردين :
الأوّل : ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الثّوبين وطهارة الآخر.
الثّاني : ما إذا علم بنجاسة أحدهما واحتمل نجاسة الآخر.
أمّا المورد الأوّل : فيحكم فيه بصحّة إحدى الصّلاتين مطلقا ، بلا فرق بين القول بشرطيّة الطّهارة ولو كانت ظاهريّة ، وبين القول بمانعيّة النّجاسة المحرزة ؛ إذ على القول بشرطيّة الطّهارة ، أنّ المفروض هو العلم الإجماليّ بنجاسة أحد الثّوبين فقط ، وعليه ، فوقعت إحدى الصّلاتين في ثوب طاهر ظاهرا ، فتكون صحيحة ؛ وعلى
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٥٦.