الثّاني : وجه دلالتها على حجّيّة الاستصحاب وبيان كيفيّة الاستدلال بها عليها :
أمّا المقام الأوّل : فقد عرفت أنّ زرارة سأل الإمام عليهالسلام ستّة أسئلة :
أحدها : هو السّؤال عن حكم الإتيان بالصّلاة ـ مع نجاسة ثوبه ـ نسيانا ، فأجاب عليهالسلام بوجوب الإعادة وبوجوب غسله للصّلوات الآتية ، وتدلّ على هذا الحكم روايات أخر (١) ، قد علّل ذلك في بعضها المتضمّن للفرق بين النّاسي والجاهل ، بأنّ النّاسي تهاون في التقصير دون الجاهل.
ثانيها : هو السّؤال عن العلم الإجماليّ بنجاسة الثّوب والصّلاة معها ، فأجاب عليهالسلام بوجوب الإعادة ـ أيضا ـ كوجوبها على تقدير العلم التّفصيليّ.
ثالثها : هو السّؤال عن الظّنّ بالنّجاسة والصّلاة معه ، فأجاب عليهالسلام بوجوب الغسل بعد العلم بها بعد الصّلاة وعدم وجوب الإعادة ، وعلّل عليهالسلام ذلك بقوله : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت ...» والمراد بالشّكّ في التّعليل هو عدم اليقين ولو كان ظنّا ـ كما هو المفروض في السّؤال ـ لا الشّكّ المصطلح المنطقي ، وإلّا لم ينطبق على ما في السّؤال ، وهذا كما ترى.
رابعها : هو السّؤال عن كيفيّة التّطهير على تقدير العلم الإجماليّ بالنّجاسة ، فأجاب عليهالسلام بوجوب غسل جميع النّاحية المعلوم نجاستها حتّى يحصل اليقين بطهارتها كلّها.
خامسها : هو السّؤال عن وجوب النّظر والفحص وعدمه على تقدير الشّكّ
__________________
(١) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٤٢ من أبواب النّجاسات ، ص ١٠٦٣ و ١٠٦٤.