ومنها : الصّحيحة الثّانية لزرارة ، قال : «قلت : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منّي ، فعلّمت أثره إلى أن اصيب له من الماء ، فأصبت وحضرت الصّلاة ، ونسيت أنّ بثوبي شيئا وصلّيت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك ، قال عليهالسلام : تعيد الصّلاة وتغسله ، قلت : فإنّي لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه قد أصابه ، فطلبته فلم أقدر عليه ، فلمّا صلّيت وجدته ، قال : تغسله وتعيد ، قلت : فإن ظننت أنّه قد أصاب ولم أتيقّن ذلك ، فنظرت فلم أر شيئا ثمّ صلّيت فرأيت فيه ، قال : تغسله ولا تعيد الصّلاة ، قلت : لم ذلك؟ قال : لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشّكّ أبدا ، قلت : فإنّي قد علمت أنّه قد أصاب ، فلم أدر أين هو ، فأغسله؟ قال : تغسل من ثوبك النّاحية الّتي ترى أنّه قد أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك ، قلت : فهل عليّ إن شككت في أنّه أصابه شيء أن انظر فيه؟ قال : لا ، ولكنّك إنّما تريد أن تذهب الشّكّ الّذي وقع في نفسك ، قلت : إن رأيته في ثوبي وأنا في الصّلاة ، قال : تنقض الصّلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ، ثمّ رأيته ، وإن لم تشكّ ثمّ رأيته رطبا ، قطعت الصّلاة وغسلته ثمّ بنيت على الصّلاة ، لأنّك لا تدري لعلّه شيء أوقع عليك ، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشّكّ». (١)
هذه الصّحيحة ، كما ترى ، مشتملة على ستّة أسئلة وأجوبة ، وكيف كان ، لا إشكال فيها من جهة السّند ، والإضمار فيها ـ كما نقله الشّيخ قدسسره ـ غير قادح ، لما عرفته سابقا في الصّحيحة الاولى ، فلا بدّ فيها من التّكلّم في مقامين :
الأوّل : فقه الحديث.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ج ١ ، ص ٤٢١ ، الباب ٢٢ ، الحديث ٨.