الخاصّ ، من باب وجوب تصوّر الجزء قبل تصوّر الكلّ ، ومرجع ذلك إلى أنّ تصوّر العامّ لكونه جزءا ، يكون سببا لتصوّر الخاصّ.
غاية الأمر ، أنّ هذه الجزئيّة والكلّيّة (١) أمران تحليليّان عقليّان ليسا داخلين في دائرة الوضع والموضوع له كي يقال : إنّ الوضع حينئذ عامّ وكذلك الموضوع له ، فتأمّل جيّدا.
هذا ، ولكن قد يقال : إنّ مراده قدسسره عكس ذلك ، بأن يكون تصوّر الخاصّ سببا لتصوّر العامّ ، فينتقل من الخاصّ إليه ، كما عن الإمام الرّاحل قدسسره (٢) أو يجعل الخاصّ قنطرة للانتقال منه إلى العامّ ، كما عن بعض المحقّقين قدسسره. (٣)
وأنت ترى ، أنّه خال عن السّداد وإن كان موافقا لظاهر عبارة المحقّق الخراساني قدسسره.
ثمّ ، إنّ لشيخنا الاستاذ الآملي قدسسره تقريرا لكلام شيخه المحقّق العراقي قدسسره في استحالة القسم الرّابع ، لا يخلو ذكره من فائدة ، فقال ما محصّله : إنّ الخصوصيّة الفرديّة المقوّمة للخاصّ ، تنافي العموم والكلّيّة ، وتناقضها في المفهوم ، وعليه فالخاصّ نقيض للعامّ ، فلا يعقل أن يكون الشّيء مرآة لنقيضه ، وأمّا الكلّي والجامع فمع تقيّدها واحتفافها بالخصوصيّات الفرديّة ، كان نفس الفرد المباين مع العامّ الكلّي مفهوما ، ومع
__________________
(١) بالفارسيّة : «جزء وكلّ بودن ، نه جزئى وكلّى بودن».
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٨ ؛ حيث قال : «فالانتقال من تصوّر العام إلى تصوّر مصاديقه أو بالعكس بمكان من الإمكان».
(٣) بحوث في علم الاصول : ج ١ ، ص ٩٣ ؛ حيث قال : «فلا يعقل أن يتصوّر الواضع معنى خاصّا ليضع اللّفظ بإزاء المعنى الأعمّ منه ، إلّا بجعل تصوّره للمعنى الخاصّ قنطرة للانتقال منه إلى تصوّر المعنى العام».