الأخر ، فلا ينفع الفرار عن الإشكال بجعل شرائط المأمور به من قبيل الأجزاء حكما». (١)
الثّالث : أنّ الفرق بين القضيّة الحقيقيّة والخارجيّة ، بأن الامتناع مبتن على الحقيقيّة ، نظرا إلى عدم دخل العلم فيها ، لا على الخارجيّة ، نظرا إلى دخل العلم فيها ، غير موجّه ؛ إذ أوّلا : أنّ الشّروط المعلّق عليها الأحكام في القضيّة الحقيقيّة لها دخل واقعيّ في الأحكام ، لا جعليّ اعتباريّ ، حتى يكون التّعليق عليها في ظاهر القضيّة ، محقّقا لدخلها وشرطيّتها ، كى يقال : بامتناع ذلك في الشّرائط المتأخّرة ، فالتّمكّن ـ مثلا ـ دخيل في وجوب الحجّ ، سواء قال عزوجل (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ) أو قال : إن استطعت فحجّ أو قال : لمن علم باستطاعته حجّ ؛ ولذا لو فرض عدم مطابقة العلم بتمكّن زيد للواقع لما وجب عليه الامتثال ، بل الأمر صوريّ محض ، وعليه ، فلا فرق بين القضيّتين في جريان الإشكال وعدمه.
وثانيا : أنّ منشأ الفرق المذكور هو الخلط الحاصل من بعض الأمثلة الجزئيّة المذكورة في كلامه قدسسره وإلّا فالقضيّة الخارجيّة ـ أيضا ـ كالحقيقيّة ممّا تكون الشّرائط فيها مؤثّرة بوجودها العينيّ الخارجي ، لا العلمي ، ألا ترى ، أنّ الإجازة ـ بناء على الكشف ـ بوجودها الخارجي دخيلة في صحّة العقد الفضولي ، سواء كانت القضيّة الّتي أنفذته خارجيّة ، أو حقيقيّة.
فتحصّل : أنّ البحث هنا عامّ يشمل شرائط الجعل ، كالقدرة المتأخّرة عن زمن التّكليف ، وشرائط المجعول ، كالأغسال الليليّة لصوم المستحاضة ، وشرائط
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٧١.