كفاية المرّة ، وهذا هو القول بالمرّة ، ومن يقول : بعدم الإجزاء ، يريد عدم كفاية المرّة ، بل لا بدّ من التّكرار وإعادة العمل مرّات ، وهذا هو القول بالتّكرار. (١)
وفيه : أنّ ما يراد من مسألة المرّة والتّكرار هو تعيين المطلوب بالأمر وتشخيص المأمور به ، بأنّه هل هو الدّفعة أو الدّفعات ، أو الوجود الواحد ، أو الوجودات مع قطع النّظر عن الإجزاء وعدمه؟ وهذا بخلاف ما يراد من مسألة الإجزاء ، فإنّه راجع إلى أنّ الإتيان بالمأمور به أيّا كان من الدّفعة ، أو الوجود الواحد أو غيرهما ، هل يجزي عن الإعادة ثانيا ، أم لا؟
وعليه : فبحث المرّة والتّكرار صغرويّ ، وبحث الإجزاء كبرويّ ، فأين الاتّحاد بينهما!
إذا عرفت ما ذكرنا ، فنقول : إنّ مقتضى التّحقيق هو ما قال به المحقّق الخراساني قدسسره : من عدم دلالة الأمر على المرّة والتّكرار ؛ وذلك ، لأنّ الأمر مركّب من المادّة والهيئة ، ولا يدلّ شيء منهما على المرّة والتّكرار.
أمّا المادّة ، فلأنّها لا تدلّ إلّا على الحدث ، وأمّا الهيئة ، فلأنّها لا تدلّ ، إلّا على البعث والإغراء ، فلا دالّ آخر يدلّ عليهما.
نعم ، لو فرض وجود قرينة دالّة على إفادة الأمر لأحدهما ، كان هي المتّبع ، نظير مقدّمات الحكمة ، فتارة يستفاد منها مطلوبيّة المادّة على نحو صرف الوجود ، فتنتج دلالته على المرّة ، وأخرى على نحو الطّبيعة السّارية ، فتنتج دلالته على التّكرار ، وهذا غير أنّ الأمر بنفسه يدلّ على شيء منهما.
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٢٥٥.