حصر العبادة بعبادة الله ، وأنّه لا معبود سواه ، لا أنّها في مقام بيان أنّ الأصل في الواجبات هي التّعبّديّة ، إلّا ما خرج بالأدلّة.
أضف إلى ذلك ما تقدّم : من أنّ الآية لو كانت بصدد بيان كون الأصل في الواجبات هي التّعبّديّة ، لزم منها تخصيص الأكثر المستهجن.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ مقتضى الإطلاق اللّفظي هو التّوصّليّة لا التّعبّديّة.
وقد يتمسّك لإثبات التّوصّليّة ـ أيضا ـ بالإطلاق المقامي ، قبال الإطلاق اللّفظي ؛ بالتّقريب الّذي أفاده المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال : «نعم ، إذا كان الآمر في مقام بصدد بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه وإن لم يكن له دخل في متعلّق أمره ومعه سكت في المقام ولم ينصب دلالة على دخل قصد الامتثال في حصوله ، كان هذا قرينة على عدم دخله في غرضه ، وإلّا لكان سكوته نقضا له وخلاف الحكمة ، فلا بدّ عند الشّكّ وعدم إحراز هذا المقام من الرّجوع إلى ما يقتضيه الأصل ويستقلّ به العقل». (١)
ولا يخفى : أنّه لا فرق بين الإطلاق المقامي والإطلاق اللّفظي من جهة أنّ كلّ واحد منهما دليل اجتهاديّ حاكم على الاصول العمليّة ، وإنّما يفرق بينهما من جهة اخرى وهو أنّه يعتبر في الإطلاق المقامي أن يكون الآمر في مقام بيان كلّ ما له دخل في غرضه ، ولا يكون متمكنا من أخذ قيد في الخطاب ومتعلّق الأمر ، ولكن يكون متمكّنا للإخبار به إلّا أنّه سكت عنه ولا يخبر به ، فيستكشف منه عدم دخله في حصول غرضه وإلّا لكان سكوته نقضا لغرضه وخلاف الحكمة ، وهذا بخلاف
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١١٣.