نعم ، قد يقال : بظهور الثّمرة في النّذر (١) ، بتقريب : أنّه لو نذر شخص إعطاء درهم لمن صلّى ، فبناء على الأعمّ يحصل له البرء لو أعطاه لمن صلّى ولو علم بفساد صلاته ، وأمّا بناء على الصّحيح ، فلا يحصل له البرء.
وفيه : أوّلا : أنّ وجوب الوفاء بالنّذر أجنبي عن مسألة الصّحيح والأعمّ ، وعن وضع الألفاظ للأوّل ، أو الثّاني ، بل يكون تابعا لقصد النّاذر ، فلا تبرأ ذمّته بالإعطاء لمن صلّى صلاة فاسدة لو كان قصده صلاة صحيحة وإن قلنا : بوضعها للأعمّ ، كما أنّه تبرأ ذمّته بالإعطاء لمن صلّى فاسدة لو كان قصده الصّلاة مطلقا وإن قلنا : بوضعها للصّحيح.
وثانيا : أنّ مسألة الصّحيح والأعم ليست باصوليّة ، لما عرفت من كونها من المسائل اللّغويّة ، ومن المبادي وصغريات مسألة المطلق والمقيّد ، أو مسألة الأقلّ والأكثر الارتباطييّن ، فلا ثمرة اصوليّة لها.
وثالثا : أنّ الثّمرة الاصوليّة عبارة عمّا يقع في طريق استنباط الحكم الفرعيّ الكلّي ، والمورد ليس من هذا القبيل ، بل من قبيل تطبيق الحكم الكلّي على موارده ومصاديقه. هذا كلّه في المقام الأوّل (العبادات).
وأمّا المقام الثّاني (المعاملات) ، فالكلام فيه يقع في موردين :
الأوّل : فيما ذهب إليه المشهور ، من جواز التّمسّك بالإطلاقات في باب المعاملات (٢) على كلا المسلكين ، لا على خصوص القول بالأعمّ ؛ ولذا قالوا : بأنّ الثّمرة المذكورة في العبادات منتفية هنا.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٤٣.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ١٩٤.