إنّ الآية الكريمة تخاطب الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله وتدعوه إلى طلب العلم بالرغم من أنّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله يحضى بمقام علمي شامخ وعظيم ، وهذا يكشف عن أنّ الإنسان لا تقتصر عملية طلبه للعلم على مرحلة من المراحل ، بل إنّ طريق العلم مستمر وليس له نقطة انتهاء.
(قَالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً). (الكهف / ٦٦)
فموسى عليهالسلام بالرغم من أنّه من اولي العزم وبالرغم من انشراح صدره بمقتضى الآية : (رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى). (طه / ٢٥)
وبمقتضى الآية (ولَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً). (القصص / ١٤)
وبالرغم من هذا المقام العلمي الرفيع ، إلّاأنّه كان مطالباً بأن يخضع أمام «الخضر» ويتعلم منه كالتلميذ.
وعلى أي حالٍ ، فإنّ هذه الآيات أدلة واضحة على إمكانية وضرورة طلب العلم ، والسعي المستمر في طريق التعلم والمعرفة (١).
١٥ ـ المعرفة مفتاح نجاة الإنسان
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنى وَفُرَادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا). (سبأ / ٤٦)
إنّ خطاب رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذه الآية موجه لأعدائه المنغمسين في الكفر والشرك ، ومختلف أنواع الفساد الأخلاقي.
وقد بيّن لهم أنّ مفتاح نجاتهم من هذا المستنقع الخطر هو التفكّر والعلم الذي هو طريق وسبيل المعرفة.
وعلى هذا الأساس بالامكان معرفة جذور أي ثورة وأي تحول أساسي في المجتمعات البشرية من خلال معرفة ثوراتهم الفكرية والثقافية.
__________________
(١). يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث الفراعنة». (بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٨٥).