إنّ المتعصبين والمعاندين والمتكبرين والحاقدين والسفهاء ، لا يمكنهم الاتحاد مع الآخرين ، لأنّ كلاً من هذه الصفات تكون مانعاً كبيراً امام الوحدة ، ويجب أن نعلم بان منشأ جميع هذه الرذائل هو الجهل (١).
٣٧ ـ الجهل هو سبب سوءالظن بالآخرين
(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِّنْكُمْ وَطَائِفةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ...). (آل عمران / ١٥٤)
تحدثت هذه الآية عن الليلة المضطربة والملتهبة التي عاشها المسلمون بعد معركة أُحُد ، حيث احتمل بعض المسلمين هجوم قريش في تلك الليلة مرّة اخرى لتدمير آخر ما تبقى من مقاومة المسلمين بعد ما أُنهكوا في المعركة نهاراً.
في هذه الأثناء أنزل الله على المسلمين نعاساً مهدئاً لهم ، إلّاأنّ ضعيفي الإيمان قد تاهوا في أفكارٍ رهيبة فما استطاعوا النوم آنذاك ، وكانوا يتساءلون : يا ترى هل أن وعود الرسول حقّةٌ؟ هل أننا سننتصر في النهاية مع ما حصل لنا في أحد؟ هل سننجو من هذه المهلكة؟ أو أنّ كل ما قيل لنا كان كذباً؟ وما إلى ذلك من الوساوس وإساءة الظن الجاهلي.
لكن الحوادث التي حصلت فيما بعد بينت لهم خطأهم الفاحش ، وأنّ كافة الوعود الإلهيّة حقة ، ولو أنّهم انفصلوا عن أفكار الجاهلية تماماً لَما أساءوا الظن بالله ورسوله.
والتعبير في الآية يوحي بأنّ الجهل هو أحد أسباب إساءة الظن ، وأنّ عدم قدرتهم على التحليل الصحيح للحوادث جعلهم يسيئوون الظن ، ولو كانت لهم القدرة الكافية على تحليل الحوادث وفهمها لما وقعوا في شباك سوء الظن.
* *
__________________
(١). يقول الإمام علي عليهالسلام : «لو سكت الجاهل ما اختلف الناس». (بحار الأنوار ، ج ٧٨ ، ص ٨١).