(وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً). (الاسراء / ٦٠)
وقد نقل مفسرو الشيعة والسنة حديثاً معروفاً جاء فيه : أنّ الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله رأى في المنام قروداً ترتقي منبره وتنزل منه ، فحزن الرسول من جراء هذا الأمر ، لأنّه يحكي عن الحوادث المفاجئة في قيادة المسلمين بعد الرسول صلىاللهعليهوآله (إنّ الكثير فسّرَ المنام بحكومة بني امية ، حيث خلفوا الرسول ـ ظلماً ـ واحداً بعد الآخر وأفسدوا في الخلافة ، وكانوا فاقدي الشخصية واتبعوا ما كان عليه آباؤهم في الجاهلية) (١).
وادعى البعض أنّ هذه الرؤيا هي نفس رؤيا دخول مكة ، بينما سورة الاسراء نزلت بمكة ، والرؤيا كانت في المدينة وقبل واقعة صلح الحديبية في السنة السادسة الهجرية.
وقد رجح البعض مثل الفخر الرازي أن تكون الرؤيا بمعنى المشاهدة في حالة اليقظة ، والآية تشير إلى مسألة المعراج (٢).
لكن هذا التفسير ضعيف لأنّ المعنى الأصلي واللغوي للرؤيا هو المشاهدة عند النوم لا في اليقظة ، وعليه فالصحيح هو التفسير الأول.
أمّا المراد من «الشجرة الملعونة» ، فقد ادعى البعض : إنّها هي «شجرة الزقوم» التي تنبت في قعر جهنم طبقاً للآيه ٦٤ من سورة الصافات ، وهي طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون طبقاً للآيات ٤٦ و ٤٧ من سورة الدخان.
وادعى بعض آخر : إنّها كناية عن اليهود العصاة ، فانّهم كالشجرة مع ما فيها من غصون وأوراق إلّاأنّهم ملعونون عند الله.
إلّا أنّها فُسِّرت في كثير من كتب الشيعة والسنة ببني امية ، وقد نقل الفخر الرازي هذا
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ٢٠ ، ص ٢٣٦.
(٢). جاءت هذه الرواية في تفسير القرطبي ومجمع البيان والصافي والكبير ، وقد قال الفيض الكاشاني : إنّها من الروايات المشهورة عند العامة والخاصة.