ويمكن أن نجعل الأحاديث التالية شواهداً على ما قلناه!
١ ـ يقول الرسول صلىاللهعليهوآله في ضمن حديث له : «لولا أنّ الشياطين يحومون إلى قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت» (١).
٢ ـ وقد جاء في خبر آخر عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أيضاً : «ليس العلم بكثرة التعلّم ، وإنّما العلم نور يقدفه الله في قلب من يحب ، فينفتح له ، ويشاهد الغَيب ، وينشرح صدره فيتحمّل البلاء ، قيل : يا رسول الله هل لذلك من علامة؟ قال : التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله» (٢).
٣ ـ وقد وصف نهج البلاغة حُجَجَ الله على الناس في الأرض هكذا : «هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة وباشروا روح اليقين ، واستدانوا ما استعوره المُترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها مُعلَّقة بالمحلِّ الأعلى ، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه» (٣).
٤ ـ وقد جاء في حديث «ذعلب اليماني» الخطيب النبه الذي كان من صحابة الإمام علي عليهالسلام : سأل الإمام يوماً هذا السؤال : «هل رأيت ربَّك يا أمير المؤمنين»؟
أجاب الإمام : «أفأعبد ما لا أرى»؟!
فقال : «وكيف تراه»؟
فقال الإمام : «لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان» ثم أضاف : «قريبٌ من الأشياء غير ملابس ، بعيد منها غير مباين» (٤).
ليس مراد الإمام من إدراك الله إدراك بالاستدلال العقلي ، وهذا واضح ، لأنّ هذا الأمر حاصل لجميع الموحدين وحتى لتلك العجوز صاحبة الغزل المعروفة ، فانّها تستدل على
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ٥٩ ، ح ٣٩ ، باب القلب وصلاحه.
(٢). تفسير الصراط المستقيم ، ج ١ ، ص ٢٦٧.
(٣). نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ١٤٧.
(٤). نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٩.