يا رسول الله ، أتأذن
لي أن أضع فمّي على بطنك؟
«
نعم ».
ووضع سوادة وجهه
على بطن الرسول ودموعه تتبلور على خدّيه وهو يقول بصوت حزين النبرات : أعوذ بموضع
القصاص من رسول الله من النار يوم القيامة.
والتفت
إليه النبيّ قائلا :
«
أتعفو يا سوادة أم تقتصّ؟ ».
بل أعفو يا رسول ...
فرفع النبيّ يديه بالدعاء قائلا :
«
اللهمّ اعف عن سوادة كما عفا عن نبيّك ... ».
إنّ هذا الخلق
النبوي أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من هذا الكوكب الذي نعيش فيه ، فقد تجسّدت فيه
جميع القيم والمبادئ الكريمة التي سما بها النبيّ على سائر الأنبياء.
سرية اسامة :
واستبانت للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم التيارات الحزبية
من صحابته الذين صمّموا على صرف الخلافة عن أهل بيت النبوة ، فرأى خير وسيلة
يتدارك بها الموقف أن يبعث بجميع أصحابه لغزو الروم حتى تخلو عاصمته منهم إذا
انتقل إلى حضيرة القدس ، وبذلك يتمّ ما أراده من تسلّم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام مقاليد الحكم من
دون منازع له ، وقد أمر أعلام المهاجرين والأنصار بالالتحاق بالجيش ، كان من بينهم
أبو بكر وعمر وأبو عبيدة الجرّاح وبشير بن سعد ، وهم من أقطاب الحزب المعارض للإمام ،
__________________