كارثة مدمّرة ألقتهم في شرّ عظيم ، فقد حيل بينهم وبين ما أراده الرسول من تطوير حياتهم وسيادتهم في جميع الأحقاب والآباد.
وأكبر الظنّ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لو كتب في حقّ عليّ ونصّ على خلافته لما أجدت كتابته شيئا ، فقد اتّهموه بالهجر وعدم الوعي ، وفي ذلك طعن صريح في مركز النبوّة وقداسة الرسول ، فرأى صلوات الله عليه بالاعراض عن الكتابة.
ومنيت زهراء الرسول عليهاالسلام بكارثة مدمّرة حينما علمت أنّ أباها سيفارق الحياة ، فقد نخب الحزن قلبها الرقيق ، وهامت في تيارات من الأسى واللوعة ، وقد لازمت أباها وهي مذهولة كأنّها جثمان فارقته الحياة ، وقد أحدقت بوجهه فسمعته يقول :
« وا كرباه! ».
وامتلأ قلبها الطاهر حزنا ، فأسرعت قائلة :
« وا كربي! لكربّك يا أبت » ، وأشفق عليها أبوها وراح يسلّيها قائلا :
« لا كرب على أبيك بعد اليوم » (١).
وكانت هذه الكلمات أشدّ على نفسها من الموت ، ورآها النبيّ وهي ولهى مذهولة قد خطف الحزن لونها كأنّما تعاني آلام الاحتضار فأمرها بالدنوّ منه ، فأسرّ إليها بحديث فغامت عيناها بالدموع ، ثمّ أسرّ إليها ثانيا ، فقابلته ببسمات فيّاضة بالبشر والرضا ، وكانت عائشة إلى جنبها فبهرت من ذلك ، وراحت تقول :
ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن!
__________________
(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام ١ : ١١٢.