ووصف عثمان بن عفّان شدّة عمر حينما نقم عليه المسلمون بقوله : لقد وطئكم ابن الخطّاب برجله ، وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فخفتموه ورضيتم به ... (١).
ويقول المعنيّون في البحوث الإسلامية : إنّ هذه السياسة تجافي سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم التي بنيت على الرفق واللين واجتناب جميع مظاهر العنف والشدّة ، وقد روى المؤرّخون صورا كثيرة من تواضعه كان منها أنّ رجلا جاءه فأخذته الرهبة منه وبدى عليه الرعب ، فنهره الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : « إنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد » (٢) ، وسار مع أصحابه سيرة الأخ مع أخيه ، وكره أن يتميّز على أحد منهم وقد شاركهم في العمل في بناء مسجده الأعظم ، وقد مدحه الله تعالى على سموّ أخلاقه قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٣).
وعلى أي حال فإنّ الغلظة لا تتّفق بأي حال من الأحوال مع ما اثر عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من سموّ الأخلاق ومحاسن الآداب.
ومن بنود السياسة العمرية فرض الإقامة الجبرية على الصحابة ، فلم يسمح عمر لهم بمغادرة يثرب إلاّ بعد أن يأذن لهم بذلك ، ويرى الباحثون في الشؤون الإسلامية أنّ هذا الإجراء يتنافى مع ما شرّعه الإسلام من منهج الحريات العامّة للناس جميعا ، فهم أحرار فيما يعملون ويقولون شريطة أن لا تكون مجافية للتعاليم الإسلامية ، وليس للسلطة أن تقف منهم موقفا سلبيا ، اللهمّ إلاّ إذا أحدثت الحرية أضرارا بالغير أو فسادا في الأرض.
__________________
(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام ١ : ١٧٥.
(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٩٠.
(٣) القلم : ٤.