تشطّرا ضرعيها! (١)
وحكت هذه الكلمات آلامه وأساه على ضياع حقّه وإزالته عن مركزه ومقامه ، فقد تناهبته الرجال فوضعوه في تيم مرّة وأخرى في عدي ، وتناسوا مكانته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجهاده المشرق في نصرة الإسلام.
وعلى أي حال فلم يلبث أبو بكر إلاّ زمانا قصيرا حتى وافاه الأجل المحتوم ، وانبرى صاحبه وخليله عمر إلى القيام بشئون جنازته فغسّله وأدرجه في أكفانه ، وصلّى عليه ، وواراه في بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وألصق لحده بلحده (٢) ، ويذهب المتكلّمون من الشيعة إلى أنّ البيت الذي دفن فيه إن كان من تركة النبيّ فهو لوارثته سيّدة نساء العالمين ، ومن بعده انتقل إلى زوجها وأولادها ، ولم يؤثر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه وهبه لعائشة ، وعلى هذا فلا يحلّ دفنه فيه إلاّ بعد الإذن من ورثة النبيّ ، أمّا اذن عائشة فلا موضوعية له لأنّها لا ترث من الأرض وإنّما ترث من البناء ، حسبما ذكره الفقهاء في ميراث الزوجة.
وإن كان البيت النبوي خاضعا لعملية التأميم حسبما يرويه أبو بكر عن النبيّ أنّ الأنبياء لا يورّثون شيئا من متاع الدنيا وإنّما يورّثون الكتاب والحكمة ، وما تركوه فهو صدقة لعموم المسلمين ، وعلى هذا فلا بدّ من ارضاء الجماعة الإسلامية في دفنه في البيت ولم يتحقّق أي شيء من ذلك.
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ٣١ ـ ٣٢.
(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٨٢.