فردّ عليه الإمام :
« وإن لم أفعل؟ ».
فأسرع القوم وقد أضلّهم الهوى وأعماهم حبّ الدنيا قائلين :
والله! الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ..
وسكت الإمام برهة فنظر إلى القوم ، فإذا ليس له ركن شديد يفزع إليه ، فقال بصوت حزين النبرات :
« إذا تقتلون عبد الله وأخا لرسوله .. ».
فاندفع ابن الخطّاب بشراسته قائلا :
أمّا عبد الله فنعم ، وأمّا أخو رسوله فلا ..
ونسي عمر ما أعلنه النبيّ أنّ الإمام أخوه وباب مدينة علمه ، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى ، كلّ ذلك تنكّر له ابن الخطّاب ، والتفت إلى أبي بكر يحثّه على التنكيل به قائلا :
ألا تأمر فيه بأمرك؟
وخاف أبو بكر من تطوّر الأحداث وتبلور الرأي العامّ ، فقال لابن الخطّاب :
لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جانبه.
وأطلقوا سراح الإمام ، ومضى يهرول نحو مثوى أخيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشكو إليه ما ألمّ به من المحن والخطوب ، وهو يبكي أمرّ البكاء قائلا :
« يا ابن أمّ ، إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ... ».
لقد استضعفه القوم وتنكّروا له ، وأعرضوا عمّا أوصاهم به النبيّ ، وقفل الإمام راجعا إلى بيته وهو كئيب حزين ، وقد استبان له ما يحمله القوم من الحقد والكراهية.