مبرزين في حسب أو نسب أو أخلاق أو جهاد أو علم وعمل أو ايمان أو إخلاص ، ولم يكن لهم السبق في مضامير كلّ فضل ، بل كانوا كسائر الصحابة ، فهل كان مانع شرعي أو عقلي أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو بأن يوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية مؤقّتا حتى يستتبّ أمر الخلافة.
أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين وهم وديعة النبيّ لديهم ، وبقيّته فيهم ، وقد قال الله تعالى : ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (١)؟
أليس من حقّ هذا الرسول الذي يعزّ عليه عنت الامّة ، ويحرص على سعادتها وهو الرءوف بها الرحيم لها أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به ، والجرح لمّا يندمل والرسول لما يقبر (٢).
٤ ـ إنّ الحجّة التي استند إليها أبو بكر في أحقّية المهاجرين للخلافة هي أنّهم أمسّ الناس رحما برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأقربهم إليه ، وبهذه الحجّة تغلّب على الأنصار ، وممّا لا ريب فيه أنّ هذا الملاك متوفّر في أهل البيت فهم ألصق الناس به ، وأمسّهم رحما به ، وقد عرض لذلك الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله :
احتجّوا بالشّجرة ، وأضاعوا الثّمرة.
وأثر عنه أنّه خاطب أبا بكر بقوله :
فإن كنت
بالشّورى ملكت أمورهم |
|
فكيف بهذا
والمشيرون غيّب |
و إن كنت
بالقربى حججت خصيمهم |
|
فغيرك أولى
بالنبيّ وأقرب |
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) النصّ والاجتهاد : ٧.