ليس في دنيا الإسلام كارثة مدمّرة امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا كحادثة السقيفة ، فقد أولدت الأحقاد ، وأجّجت نار الفتن بين المسلمين ، وفتحت أبواب الطمع والتهالك على السلطة بين الزعماء.
إنّ جميع ما عاناه السادة المعظّمون من أهل البيت عليهمالسلام يستند أوّلا وبالذات إلى مؤتمر السقيفة التي تعمّد أعضاؤها على الغضّ من شأنهم ، ومعاملتهم معاملة عادية تتّسم بالكراهة والحقد عليهم ، متناسين ما ألزمه الله تعالى بمودّتهم ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) ، وما حثّ عليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في لزوم مودّتهم ، وتعظيم شأنهم ، فلم يرعوا لاهتمام النبي بهم ، فأقصوهم عن مركز الحكم وعن جميع ما يتعلّق بالدولة الإسلامية التي أنشأها جدّهم الرسول ، وقامت على أكتاف أخيه وباب مدينة علمه ، لقد آلت الخلافة الإسلامية ـ مع الأسى والأسف ـ إلى بني أميّة فأمعنوا في ظلم العترة الطاهرة وإبادتها ، وما كارثة كربلاء الخالدة في دنيا الأحزان إلاّ من تبعات السقيفة ، ورحم الله الإمام كاشف الغطاء إذ يقول :
تالله ما كربلا
لو لا سقيفتهم |
|
ومثل هذا الفرع
ذاك الأصل أنتجه |
إنّ الأحداث الجسام التي فزع منها المسلمون كإباحة مدينة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحرق الكعبة ، وتسلّط الأشرار المارقين عن الدين على رقاب المسلمين أمثال بسر بن أرطاة ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد بن أبيه ، وعبيد الله بن زياد وأمثالهم من الخونة
__________________
(١) الشورى : ٢٣.