وما عدا الأخ من الرجال ، فهو بمنزلة قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.)
وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن سائر الأخبار
______________________________________________________
ومنع حق الله والناس منه احتياطا عليه ، فانه من الخسّة والبخل وحب الدنيا (و) كذا لا يشبه (ما عدا الأخ من الرجال) لأن رعاية أعلى مراتب الثقة فيما عدا الأخ يكون من التذلل والتخوف والوسوسة ، بينما الدين ليس كذلك بل هو كالأخ يستحب فيه جميع المراتب العالية من الحفظ والاحتياط.
وعليه : (فهو) أي : هذا الحديث يكون في حسن الاحتياط (بمنزلة قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١)) ، حيث يستحسن كل مراتب التقوى العالية في الأمور ، حتى ان عامل البناء لو نفض ملابسه من ذرات جص صاحب الدار عند انتهاء عمله حذرا من بقاء بعض الجص عليها ، الذي هو مال الناس ، كان في محله ، وانّ مشتري اللحم لو لم يمس اللحم ليقول للقصاب : اقطع لي من هذا للحم ، حذرا من التصرف في مقدار قليل من الدسم من مال الناس كان حسنا.
ومن الواضح : انّه لا يراد منه : الاحتياط المنجر إلى الوسوسة ، أو ما كان هو الوسوسة بعينه ، لانه لا يسمى بعد ذلك احتياطا ، بل هو في طريق الانحراف أو في الانحراف نفسه ، بينما الاحتياط هو الاستقامة فهما متقابلان.
وعلى أي حال : فلا يكون هذا الخبر دليلا للأخباريين على مطلوبهم لا ينحو أن يراد به وجوب الاحتياط فقط ، ولا بنحو ان يراد به الأعم من الاحتياط الواجب والمستحب.
(وممّا ذكرنا) في الأجوبة السابقة (: يظهر الجواب عن سائر الأخبار
__________________
(١) ـ سورة التغابن : الآية ١٦.