يكون لهم عذر ، إذا أصابتهم مصيبة ، بما قدّمته أيديهم.
ثم ذكر تعالى ، أنّهم لمّا جاءهم القرآن بذلك آية لهم ، طلبوا أن يؤتى النبي (ص) مثل آيات موسى (ع) ؛ وردّ عليهم ، بأنّ أسلافهم كفروا بما أوتي موسى (ع) منها ، وزعموا أنّه ساحر هو وأخوه هارون (ع) ، وأمرهم بأن يأتوا بكتاب أهدى من التوراة والقرآن ، ليتّبعه ويهدي به ، فإذا لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا فهم قوم يتّبعون أهواءهم ، ومن يتّبع هواه لا ترجى هدايته ؛ ثم ذكر سبحانه أن الذين أوتوا الكتاب من قبله ، يؤمنون به ، لأنّه يوافق ما كانوا عليه من الإيمان من قبله. ووعدهم بأن يؤتيهم أجرهم مرتين ، على إيمانهم السابق واللاحق ؛ وذكر تعالى أن الرسول (ص) لا يمكنه أن يهدي من أحبّ من قومه ، لأن الهداية بيده سبحانه ، وحده.
ثم ذكر لهم سبحانه شبهة ثانية : أنهم إن اتبعوا ما نزّل عليه من الهدى ، يتخطّفهم الناس من أرضهم ، وردّ عليهم بأنه لا خوف عليهم من ذلك ، لأنه مكّن لهم في حرم يأمن فيه الخائف ، يجبى إليه ثمرات كلّ شيء ، وبأن عدم إيمانهم ، هو الذي يخاف عليهم منه ، لأنه يؤدّي إلى إهلاكه لهم ، كما أهلك القرى التي بطرت معيشتها قبلهم ، وبأنهم إذا فاتهم بإيمانهم شيء من الدنيا ، فما عند الله خير وأبقى منه ؛ لأنه لا يمكن أن يكون من وعده وعدا حسنا في الاخرة ، فهو لاقيه كمن يمتّعه متاع الدنيا ، ثم يحضره يوم القيامة فيناديهم (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الآية ٦٢]. ويأمرهم بأن يدعوهم فلا يستجيبون لهم ، ثم يناديهم : (ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [الآية ٦٥] ، فيعيون بالكلام ولا ينطقون ؛ فأمّا من تاب من الكفر ، وعمل صالحا ، فإنه يكون من المفلحين. ثم ذكر جلّ وعلا أنه يفعل ذلك بقدرته واختياره ؛ فيثيب من يشاء ، ويعذّب من يشاء ، وليس لهم اختيار مع اختياره ؛ وأنه يعلم ما تكنّه صدورهم ، وما يعلنونه ، فيحاسبهم عليه حسابا عادلا ؛ إلى غير هذا ممّا ذكره من آثار قدرته وعظمته ورحمته ، ثم عاد السّياق إلى ما ناداهم به تعالى ، أوّلا : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ؛ وذكر سبحانه ، أنه يحضر من كلّ أمة شهيدا عليهم من الرسل ، الذين بلّغوهم رسالاتهم ، وأنه يأمرهم أن يأتوا