جولات شتّى في مشاهد الكون ، وفي مشهد الحشر ، وفيما هم فيه من الأمر ، بعد أن تعرض عليهم دلائل الصدق فيم جاءهم به رسولهم (ص) ، وكيف يتلقّاه فريق من أهل الكتاب بالإيمان واليقين ، بينما هم يتلقّونه بالكفران والجحود ، وهو رحمة لهم من العذاب ، لو أنهم كانوا يتذكّرون.
ختام السورة
في ختام السورة ، نجد الآيات [٨٥ ـ ٨٨] ، تعد الرسول (ص) بالرجوع إلى مكة ، فاتحا ، منتصرا ، ينشر الهدى ، ويقيم الحق والعدل ؛ ومن العجيب : أنّ هذا الوعد بالنصر ، جاءه وهو يخرج من بلده ، يطارده قومه ، مهاجرا إلى المدينة ، ولمّ يبلغها بعد ؛ فقد كان بالجحفة قريبا من مكّة ، قريبا من الخطر ، يتعلّق قلبه وبصره ببلده الذي يحبّه ، ويقول عند فراقه مخاطبا مكّة : «والله إنّك لمن أحبّ البلاد إليّ ، ومن أحبّ البلاد إلى الله ، ولو لا أنّ قومك أخرجوني منك ما خرجت».
ويعده الله بالرجوع إلى مكة ، فيقول تعالى :
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) [الآية ٨٥].
ويبيّن سبحانه ، أنّ كل ما دون الحق فهو عرضة للفناء والزوال ، وأنّ زمام الحكم بيده تعالى. وتختم السورة بهذه الآية ، إثباتا للوحدانية ، ولجلال القدرة الإلهية :
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٨).