المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الحج» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) (٣).
أي : كل شيطان عات.
ومرد على الأمر ، بالضم ، يمرد مرودا ومرادة : أقبل وعتا وكذلك مرد بالفتح ، ومنه قوله تعالى :
(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) [التوبة : ١٠١] قال الفراء : يريد مرنوا عليه.
وشيطان مارد ومريد ، أي : خبيث عات.
ومنه قولهم : تمرّد علينا ، أي : عتا.
والتمرّد في لغة العصر : العصيان والعتوّ.
٢ ـ وقال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ) [الآية ٥].
وقوله : (مِنْ نُطْفَةٍ) ، أي : من ماء قليل. والعلقة : قطعة الدم الجامد ، والمضغة : اللحمة الصغيرة قدر ما يمضغ.
والمخلّقة : المسوّاة الملساء من النقصان والعيب.
ويقال : «خلّق السواك» أو العود إذا سوّاه وملّسه ، وذلك من قولهم : «صخرة خلقاء».
وكأنّ الله سبحانه يخلّق المضغ متفاوتة : منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب ، ومنها ما هو على عكس ذلك ، فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.