[طه : ١٠] وأحدهما قطع ، والاخر ترجّ ، والقصة واحدة؟
قلنا : قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه : سأفعل كذا ، وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة.
فإن قيل : لم قال تعالى : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) [الآية ٨] مع أنه لم يكن في النار أحد ، بل لم يكن المرئي نارا ، وإنما كان نورا في قول الجمهور ، وقيل كان نارا ثم انقلب نورا؟
قلنا : قال ابن عباس والحسن رضي الله عنهما : معناه قدّس من ناداه من النار وهو الله عزوجل ، لا على معنى أن الله تعالى يحل في شيء ، بل على معنى أنه أسمعه النداء من النار في زعمه. الثاني : أن «من» زائدة ؛ والتقدير بورك في النار وفيمن حولها ، وهو موسى (ع) والملائكة. الثالث : أن معناه بورك من في طلب النار ؛ وهو موسى (ع).
فإن قيل : إنما يقال بارك الله على كذا ، ولا يقال بارك الله كذا؟ قلنا : قال الفراء : العرب تقول باركه الله وبارك فيه وبارك عليه بمعنى واحد ، ومنه قوله تعالى : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) [الصافات : ١١٣]. ولفظ التحيات : وبارك على محمد وعلى آل محمد.
فإن قيل : ما وجه الاستثناء في قوله تعالى : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) [الآية ١٠].
قلنا : فيه وجوه : أحدها أنه استثناء منقطع بمعنى لكن. الثاني : أنه استثناء متصل ، كذا قاله الحسن وقتادة ومقاتل رحمهمالله ، ومعناه : إلا من ظلم منهم بارتكاب الصغيرة كآدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف وموسى وغير هم صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنه يخاف ممّا فعل مع علمه أني غفور رحيم ، فيكون تقدير الكلام : «إلا من ظلم منهم فإنه يخاف فمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم». ولهذا قال بعضهم : إن هنا وقفا على قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) وابتداء الكلام الثاني محذوف كما قدرنا. والثالث : أن «إلّا» بمعنى «ولا» ، كما في قوله تعالى (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [البقرة : ١٥٠] أي «ولا الذين ظلموا منهم». الرابع : أن تقديره : أني لا يخاف لدي المرسلون ولا غير المرسلين (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) [الآية ١١].