وهي وإن كانت ظاهرة في توبيخ أبان على ردّ الرواية الظنيّة التي سمعها في العراق بمجرّد استقلال عقله
______________________________________________________
ولذا جعلت ديتها على القاعدة.
ومثله هذا موجود حتى لدى عقلاء العالم ، فان عقلاء العالم قرروا : عدم متابعة المحكمة للنزاعات الطفيفة ، فاذا صارت كبيرة تابعتها المحكمة.
وكذا قرروا : ان الماء والكهرباء والتلفون وما اشبه الى حد معيّن لكل وحدة منه قيمة دينار ـ مثلا ـ فان زادت عن القدر المقرر ، اصبحت القيمة لكل وحدة نصف دينار ، وذلك للجمع بين حق الدولة في الاقل ، وامكان الناس في الاكثر.
وعلى هذا ، فأمر الدية عقلي وهو ابعد من ان يناله قياس أبان ، ومعنى ان الدين يمحق بالقياس : انه يوجب اسراء الحكم من موضوع الى موضوع آخر لا يشابهه واقعا ، وان زعم الناس انه يشابهه.
(و) ان قيل : ان الرواية ليست توبيخا على مراجعة العقل ، بل على ردّ الرواية المعتبرة السند.
فانه يقال : (هي) اي الرواية (وان كانت ظاهرة في توبيخ ابان) حيث قال له عليهالسلام : «مهلا» (على ردّ الرواية الظنية) ظنا حجة ، لانه كان خبرا واحدا معتبرا سندها (التي سمعها) ابان (في العراق).
وانّما نقول : ان الرواية كانت معتبرة ، لانه ان لم تكن معتبرة ، كان اللازم ردّها بعدم حجية السند اي من باب عدم المقتضي ، لا ردها من جهة المانع ، وهو مخالفة حكمها للقياس والعقل ، فان مقتضى القاعدة ان يكون التعليل بعدم المقتضي ـ لا بوجود المانع ـ ، وانّما يعلل بالمانع ، اذا كان المقتضي موجودا كما نحن فيه حيث ان ابان ردّ الرواية (بمجرد استقلال عقله) بواسطة القياس