الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) [الآية ١٣١] أي بأن اتّقوا الله.
وقال تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [الآية ١٣٤] فموضع «كان» جزم والجواب الفاء وارتفعت «يريد» لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) [هود / ١٥]. في قوله تعالى (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [الشورى / ٢٠] جزم الجواب ، لأن الأول في موضع جزم ، ولكنه فعل واجب فلا ينجزم ، و «يريد» في موضع نصب بخبر «كان». وفي قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً) [الآية ١٢٨] جعل الاسم يلي «إن» لأنّها أشدّ حروف الجزاء تمكنا. وإنّما حسن هذا فيها إذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله (١) [من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المائة] :
عاود هراة وإن معمورها خربا وقال تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [الآية ١٣٥] لأنّ «أو» ها هنا في معنى الواو (٢) ، أو يكون جمعهما في قوله (بِهِما) لأنهما قد ذكرا (٣) نحو قوله عزوجل : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) [الآية ١٢]. أو يكون أضمر (من) كأنه «إن يكن من تخاصم غنيّا أو فقيرا» يريد «غنيين أو فقيرين» يجعل «من» في ذلك المعنى ويخرج (غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً) على لفظ «من».
وقال تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) [الآية ١٣٥] لأنها من «لوى» «يلوي» (٤). وقرأ بعضهم (وإن تلوا) (١) فان كانت
__________________
(١). في الأصل : قولك. والقائل هروي معجم شواهد العربية ٢ / ٥٧٥ ويراجع المقتضب ٤ / ٢٥٦ واشعار الهذليين في قول عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي :
لكنه شاقه ان قيل ذا رجب |
|
يا ليت عدة حول كله رجب |
(٢). نقله في المشكل ١ / ٢١٠ واعراب القرآن ١ / ٢٥٢ والجامع ٥ / ٤١٣ والبحر ٣ / ٣٧٠ والبيان ١ / ٢٦٩.
(٣). نقله في الإملاء ١ / ١٩٧.
(٤). في الطبري ٩ / ٣١٠ هي قراءة عامة قراء الأمصار سوى الكوفة وفي السبعة ٢٣٩ الى ابن كثير ونافع وابي عمرو وعاصم والكسائي وفي الكشف ١ / ٣٩٩ والتيسير ٩٧ الى غير حمزة وابن عامر وفي معاني القرآن ١ / ٢٩١ وحجة ابن خالويه ١٠٢ والجامع ٥ / ٤١٣ بلا نسبة.