الواحد للأخبار بلا واسطة ومع الواسطة كليهما ، وقد مر بعض الكلام في ذلك في محله فتذكّر.
ثم اعلم أنه يرد على ما ذكره المصنف هنا ما أورده هو في كتاب الطهارة (١) في مسألة الماء المتمم كرا في مقام ردّ من قال بأنّ ملاقاة جزئه الطاهر بالجزء النجس علة للانفعال لكونه قليلا لاقى نجسا ، وعلة لعدم الانفعال لصيرورته كرا فيتعارضان ويرجع إلى أصالة الطهارة ، قال : إنّ الملاقاة ليست علة لعدم الانفعال بل علة للكرية المانعة من الانفعال ، وإذا كان الشيء علة تامة للشيء استحال أن يكون علة لمانعه ، إذ بمجرد وجودها يحصل المعلول فلا مسرح لوجود المانع ، فلا بدّ من رفع اليد عن مانعية الكر في هذا المقام ، انتهى موضع الحاجة.
وهذا الكلام وإن كان يرد عليه أنّ رفع اليد عن مانعية الكر عن الانفعال ليس بأولى عن رفع اليد عن علية الملاقاة للتنجيس بأن تكون عليتها له منحصرة في غير هذه الصورة ، إلّا أنه يرد نظيره في المقام بأن يقال إنّ الشك السببي علة لحكمه وهو حرمة نقض اليقين به وللشك المسبّب ، والأول مانع عن الثاني ومزيل له بالفرض ، ولا يمكن أن يكون الشيء علة لشيء ولمانعه ، فلا بدّ أن يرفع اليد عن المانع وهو هنا الحكم أعني حكم حرمة النقض في الشك السببي ، فيبقى الشك المسبب وكذا حكمه بلا معارض فتدبّر.
قوله : الثالث : أنه لو لم يبن على تقديم الاستصحاب في الشك السببي الخ (٢).
الإنصاف أنه لا كرامة في هذا الوجه من أصله ، لأنّ قلّة موارد الأصل على
__________________
(١) كتاب الطهارة ١ : ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٣٩٨.