قوله : إنّ أخبار الاستصحاب حاكمة على أدلّة الاحتياط (١).
سيأتي منّا إن شاء الله تعالى في أواخر رسالة الاستصحاب عند التكلّم في معارضة الاستصحاب مع سائر الاصول منع حكومة أخبار الاستصحاب على أخبار الاحتياط على تقدير تسليم دلالتها على وجوب الاحتياط.
قوله : وهل يعقل التفصيل مع هذا المنع (٢).
الحقّ أنّ التفصيل مع هذا المنع أيضا معقول وإن لم يساعده دليل ، فإنّ هذا كلام آخر ، وبيان ذلك أنّ هنا مفاهيم معيّنة ومعاني مشهورة تسمّى بالأحكام الوضعية كالشرطية والسببية والمانعية والجزئية إلى غير ذلك ، غاية الأمر أنّ المنكر لمجعولية الأحكام الوضعية يقول إنّ الامور المذكورة مرجعها إلى الأحكام التكليفية وليست مجعولة بجعل مستقل على حدة وإنّما هي منتزعة من الأحكام التكليفية ، وحينئذ فمراد المفصّل من حجّية الاستصحاب في الوضعيات دون التكليفيات صحّة استصحاب هذه الامور المذكورة دون غيرها ، ومرجع استصحابها إلى استصحاب منشأ انتزاعها أي التكاليف التي ينتزع منها هذه الامور ، فكما أنّ نفس الحكم الوضعي مرجعه إلى التكليف كذلك استصحاب الحكم الوضعي مرجعه إلى استصحاب التكليف الذي انتزع منه الوضع ، ويرجع محصّل التفصيل بالأخرة إلى أنّ الأحكام التكليفية قسمان قسم ينتزع منه الوضع والاستصحاب فيه حجة ، وقسم لا ينتزع منه الوضع وهو تكليف محض ليس الاستصحاب فيه حجة ، نعم لو أراد المفصّل القول بحجية الاستصحاب في الوضعيات المتأصّلة غير المنتزعة وعدمها في التكليفيات مطلقا كان ذلك غير
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٢٠.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٢٥.