باقي الأجزاء فإنّ الأجزاء كانت واجبة قبل طروّ الطارئ ولو لأنه كان إتماما والأصل بقاؤها على الوجوب ، نعم يرد على الاستصحابين أنّهما غير نافعين في تحقق الامتثال بالنسبة إلى الطبيعة المأمور بها إلّا على القول بالأصل المثبت ، لأنّ حرمة الإبطال ووجوب الاتمام إنما تعلق بفرد الطبيعة بعد الشروع فيه وهو تكليف نفسي مستقل ولا ربط له بالتكليف المتعلق بأصل طبيعة العمل ، ولذا لو أبطله وأتى بالفعل ثانيا عصى بالإبطال وصح بالنسبة إلى أصل التكليف ، ومن ذلك قال بعض كما حكاه المصنف في أصل البراءة إنّ مقتضى القاعدة وجوب إتمام هذا العمل ثم الاعادة عملا باستصحاب حرمة الإبطال وقاعدة الاشتغال بأصل التكليف بالصلاة ، نعم هنا استصحاب آخر ينفع المقام وهو استصحاب جواز المضي وجواز الاتمام بعنوان امتثال الأمر المتعلق بالطبيعة ، وهذا جواز غيري قد جاء من قبل الأمر بالطبيعة فلا جرم يتحقق به الامتثال ويسقط الأمر الأول بالاتمام هذا ، وقد تعرّض المصنف لوجوه المسألة في أصل البراءة ببيان أوفى وأبسط وذكرنا ما عندنا هناك أيضا فراجع.
قوله : وأمّا الشرعية الاعتقادية (١).
لا بأس بأن نشير أوّلا إلى ما يمكن أن يكون محلا للبحث ثم نتعرّض لما في المتن فنقول : إنّ المستصحب في الاعتقاديات إمّا أن يكون نفس وجوب الاعتقاد أو يكون موضوعه ومتعلقه وهو المعتقد ، وقد عرفت في آخر رسالة الظن أنّ وجوب الاعتقاد بالنسبة إلى بعض المعارف مطلق كالاعتقاد بالاصول الخمسة ، وبالنسبة إلى بعضها مشروط بالعلم بها كتفاصيل البرزخ والصراط والميزان ونحوها ، ولا يتصوّر محل للاستصحاب من غير جهة النسخ في شيء من
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٥٩.