العقوبة ، سواء كان التكليف ناشئا عن المصلحة أو المفسدة في المتعلّق ، أم صدر لأغراض أخر ولكنّه مختصّ بالمعصية.
العنوان السادس الذي يمكن أن يكون الملاك : هو الطغيان على المولى وهتك حرمته والخروج عن رسم العبوديّة وإن كان العاصي والمتجرّي مشتركين فيه ، ولكن لا يمكن جعله مناطا مستقلّا لاستحقاق العقوبة ، فإنّه مستلزم لتعدّد العقوبة على معصية واحدة بعد فرض كون العنوان الخامس ملاكا بنظر العقل والعقلاء ، ففي معصية واحدة يتحقّق الملاكان ويترتّب عليهما عقابان ، مع أنّه ليس بصحيح ، كما ذكرناه في مقدّمة البحث.
فالمستفاد ممّا ذكرناه أنّ ما يصلح للمناطيّة هو العنوان الخامس الذي يختصّ بالمعصية الواقعيّة ، وبهذا يظهر ضعف ما ذكره المحقّق الأصفهاني قدسسره ، فإنّ عدم صلاحية العنوان الرابع للملاكيّة لا يستلزم لأن يكون العنوان السادس ملاكا للعقاب ، فلا يتحقّق في التجرّي مناطا لاستحقاق العقوبة كعدم تحقّق الحرمة الشرعيّة فيه.
ولكنّ القائلين باستحقاق العقوبة في التجرّي اختاروا طرقا متعدّدة للتفصّي من تعدّد العقوبة في معصية واحدة ، وقال المحقّق العراقي قدسسره (١) : إنّ الملاك لاستحقاق العقوبة هو الطغيان على المولى والجرأة عليه ، وهذه جهة مشتركة بين العاصي والمتجرّي ، بلا فرق بينهما حتّى في الشدّة والضعف والنقص والكمال ، فكما أنّ العاصي يكون طاغيا على المولى وخارجا عن رسم العبوديّة ، كذلك المتجرّي يكون طاغيا عليه ، فلا مجال لتعدّد العقوبة في المعصية.
__________________
(١) نهاية الأفكار ٢ : ٣١.