جريان البراءة الشرعيّة في دوران الأمر بين المحذورين
عرفت أنّ لسان
أدلّة البراءة الشرعيّة مختلف ، فقد يكون بلسان الرفع ، وقد يكون بلسان الإثبات
مثل : قوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال» ، ويعبّر عن البراءة المستفادة منه بأصالة الإباحة ، أمّا
على الأوّل فالظاهر ـ بعد ملاحظة ما ذكرنا في وجه جريان البراءة العقليّة ـ جريانها
أيضا ؛ لأنّ التكليف بنوعه مجهول ، فيشمله مثل حديث الرفع.
ولكنّ المحقّق
النائيني رحمهالله نفى جريانها ؛ نظرا إلى أنّ مدركها قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع ما لا يعلمون» ، والرفع فرع إمكان الوضع ، وفي المقام لا يمكن وضع الوجوب
والحرمة كليهما ، لا على سبيل التعيين ولا على سبيل التخيير ، ومع عدم إمكان الوضع
لا يعقل الرفع ، فأدلّة البراءة الشرعيّة لا تعمّ المقام أيضا .
جوابه : أنّ في
دوران الأمر بين المحذورين يتمسّك بحديث الرفع مرّتين ، مرّة لرفع الوجوب المجهول
، واخرى لرفع الحرمة المجهولة ، ومن الواضح أنّ وضع الوجوب بنفسه ممكن ، كما أنّ
وضع الحرمة لا استحالة فيه. نعم ، ما لا يمكن وضعه هو مجموع الوجوب والحرمة ، وهو
لا يكون مفاد حديث الرفع ، فما
__________________