والعقوبة كما في الواجبات والمحرّمات المعلومة في الرتبة السابقة على الأمر بالتقوى ، وقد عرفت عدم تنجّز التكليف في الشبهة البدويّة.
وثالثا : لو فرضنا أنّ الأمر بالتقوى مولويّا وليس إرشاديّا ، لكنّه مع ذلك لا ينفع الأخباري شيئا ، وذلك لأنّ هيئة الأمر في الآية الشريفة لا يصحّ حملها على الوجوب ، بل لا بدّ من حملها على الاستحباب والرجحان ، وذلك لأنّ الآية لو شملت الشبهة لشملتها بجميع أقسامها بما فيها الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة الوجوبيّة ، ومن الواضح أنّ الأخباري والاصولي متّفقان على عدم وجوب الاحتياط فيهما ، وعليه فيدور الأمر بين التصرّف في الهيئة وحملها على الاستحباب دون الوجوب ، وبين التصرّف في المادّة ـ أعني به التقوى ـ وتخصيصها بما عدا الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة الوجوبيّة ، وبما أنّ لسان الآية آب عن التخصيص ـ مع استلزامه لتخصيص الأكثر ـ فيتعيّن التصرّف في الهيئة دون المادّة ، وتكون النتيجة : أنّ الاحتياط راجح في مطلق الشبهة ، وواضح أنّ الاصولي لا ينكر رجحان الاحتياط أبدا كما سيأتي.
ومنه : الآيات الناهية عن القول بغير علم ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١).
ولا يخفى ضعف الاستدلال بهذه الطائفة جدّا ، فإنّ الاصولي لا يقول بالحلّية في الشبهات الحكميّة إلّا عن دليل ، فيكون قولا عن علم ؛ إذ لا شكّ في حرمة التشريع عند أحد ، فكما أنّ الأخباري لا يقول بوجوب الاحتياط إلّا عن دليل ، فكذلك الاصولي في حكمه بالإباحة ، فلو كان قوله بالإباحة عن دليل
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.