مع أنّ المراد من
الاجتماع في الرواية لا يكون اجتماع الامّة من زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ، كما أنّ المراد منه هو الاجتماع
الاختياري لا الاجتماع القهري والإجباري ، كأنّه صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ من عنايات الباري بامّتي عصمة اتّفاق مجموع
الامّة على الضلالة.
إذا عرفت هذا فنقول
: كيف يصحّ الإجماع المدّعى على بيعة أبي بكر وأن يجعل أساسا للمذهب ، مع أنّه ليس
إلّا اجتماع جمع من الصحابة من أهل المدينة فقط ومخالفة جمع كثير منهم وعدم بيعتهم
حتّى التحق رسول الله صلىاللهعليهوآله بالرفيق الأعلى وأخذت البيعة الإجباريّة من جميع المسلمين؟!
فنفس هذه الرواية تدلّ على خلاف مقصودهم كما هو واضح.
على أنّه لا دليل
لقول المتأخّرين من العامّة من كون الإجماع عبارة عن اتّفاق أهل الحلّ والعقد ، أو
اتّفاق العلماء والمجتهدين ، أو اتّفاق أهل المدينة ونحو ذلك.
والإجماع المحصّل
عند علمائنا الإماميّة لا يكون حجّة إلّا إذا كشف كشفا قطعيّا عن قول المعصوم عليهالسلام ، وقد ذكر الأصحاب وجوها لكيفيّة استكشاف قوله عليهالسلام :
الأوّل : أنّ منشأ
القطع بقوله عليهالسلام هو الحسّ ، كما إذا سمع قوله عليهالسلام في جملة جماعة لا يعرف أعيان بعضهم ويعلم إجمالا بدخول
المعصوم عليهالسلام فيهم ، فيحصل له القطع بقوله عليهالسلام في أقوال المجمعين على سبيل القطع من دون أن يعرف بشخصه ،
ويعبّر عنه بالإجماع الدخولي ، ولا يضرّ مخالفة معلوم النسب بالإجماع ، وهذه
الطريقة كانت معروفة عند قدماء الأصحاب إلى زمان السيّد المرتضى قدسسره.