فقوله عليهالسلام : «رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار» يدلّ على التوبيخ لأجل القضاء بما لا يعلم.
وأمّا الإجماع فقد ادّعاه الوحيد البهبهاني قدسسره في بعض رسائله من أنّ حرمة العمل بما لا يعلم من البديهيّات عند العوام ، فضلا عن العلماء والخواص.
وأمّا العقل فقد أطبق العقلاء على تقبيح العبد وتوبيخه على اعتقاده وتديّنه بما لا يعلم بوروده من المولى وإسناده إليه.
وفيه : أوّلا : أنّ هذه الأدلّة لا تنطبق على المدّعى ؛ إذ المدّعى أنّ الأمارة التي لم يدلّ دليل على اعتبارها وشكّ في حجّيتها متّصفة بعدم الحجّية ، وغاية ما يستفاد من الأدلّة هو حرمة الإسناد إلى الشارع بغير علم ، إلّا أن تتحقّق الملازمة بين حرمة الإسناد وعدم الحجّية ، فتماميّة هذا الاستدلال تتوقّف على ثبوت الملازمة بينهما.
وقد ذكر كثير من العلماء موارد النقض لهذه الملازمة :
الأوّل : ما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) من أنّ الظنّ على الحكومة حجّة ، ولكن لا يصحّ إسناد المظنون في مورده إلى الشارع كما هو واضح.
والتحقيق : أنّ هذا النقض ليس بوارد عليه ؛ إذ الحجّة في مورد الظنّ الانسدادي على الحكومة ليس هو الظنّ كما تخيّل ، بل الحجّة هي العلم الإجمالي بثبوت التكاليف اللزوميّة من الوجوبيّة والتحريميّة في الشريعة ، فإطلاق الحجّة على الظنّ مسامحة.
بيان ذلك : أنّ مقدّمات دليل الانسداد على الحكومة لا تنتج حجّية الظنّ ، بل نتيجتها التبعيض في مقابل الاحتياط ، وذلك بالأخذ بالمظنونات دون
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٨٠.