التمايز والتمايز بالذات وبالموضوع ، مع أنّ الغرض في هذا البحث ليس إلّا بيان الضابطة للتمايز.
مع أنّه لا نعلم مراده من التمايز بالذات أو الموضوع هل التمايز فيه يكون من جهتين: أحدهما : بالذات والآخر : بالموضوع ، أو التمايز فيه إن لوحظ مع علم الثاني يكون بالذات وإن لوحظ مع الثالث يكون بالموضوع؟ فإنّا مع عدم الأثر من هذين الاحتمالين في كلامه لا نرى ملاكا فيه لإرادة أحدهما.
والحاصل : أنّ البحث عن التمايز من غير إعطاء الضابط والملاك له يرجع إلى عدم التمايز.
والنظر الأخير في المسألة نظر بعض المعاصرين من الفلاسفة ، وهو : أنّ تمايز العلوم يكون بتمايز الاسلوب في البحث «متد» وأنّ التغيير في الاسلوب يوجب التعدّد والتمايز في العلوم وإن كان الموضوع فيها واحدا ، مثلا : في مسألة معرفة الإنسان ، قد يبحث فيها من ناحية التعقّل والبرهان ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية الفلسفة» أو علم النفس ، وقد يبحث فيها من ناحية الآيات والروايات ، ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية الدين» ، وقد يبحث فيها من ناحية التجربة والآثار الباقية من المتقدّمين ، ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية التجربة» أو الجسم ، وهذا الاسلوب يوجب التمايز في العلوم ، مع أنّ الموضوع في الجميع عبارة عن الإنسان.
وهكذا في معرفة الله تعالى إذا لاحظنا هذا البحث في علم الفلسفة يثبت من طريق الاستدلال والبرهان ، وإذا لاحظنا في علم العرفان يتحقّق عن طريق الكشف والمشاهدة ، مع أنّ الموضوع في كليهما واحد.
أقول : يحتمل أن يكون مرادهم من هذا الكلام بيان قاعدة كلّيّة في جميع