وللثاني بأنّه لمّا كانت الهيئة مندمجة في المادّة غاية الاندماج فلا يعقل لحاظها بنفسها مع قطع النظر عن المادّة ؛ إذ لا وجود لها بدونها في الوجود الذهني فضلا عن الوجود العيني ، فتجريدها عن المواد لا يمكن حتّى في مقام اللّحاظ ، فلا محالة يجب الوضع لأشخاصها بجامع عنواني كقولك : «كلّ ما كان على هيئة الفاعل» لا بشخصيّتها الذاتيّة ، هذا هو معنى نوعيّة الوضع ، وأمّا معنى شخصيّة الوضع فهو : لحاظ الواضع شخص اللفظ بوحدته الطبيعيّة وشخصيّته الذاتيّة كما مرّ. هذا تمام الكلام في أقسام الوضع إلى هنا.
وأمّا البحث عن وقوع الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ فقد ذهب جماعة إلى أنّ وضع الحروف من هذا القبيل.
المعنى الحرفي
لا يخفى عليك أنّ البحث في باب الحروف والمعاني الحرفيّة من المباحث المهمّة ، مع أنّه يوجب التوسعة وتهيّؤ الذهن للمباحث الآتية ، وتترتّب عليه فوائد كثيرة ، منها : في مسألة الواجب المشروط بأنّ الشرط فيها هل يرجع إلى المادّة أو إلى الهيئة التي هي من المعاني الحرفيّة؟ وعلى فرض رجوعه إلى الهيئة ـ كما قال به المشهور ـ هل يكون للمعنى الحرفي معنى عامّ حتّى يكون قابلا للتقييد أو يكون له معنى خاصّ وجزئي غير قابل للتقييد؟ وهذا هو معركة الآراء بين العلماء.
وهكذا في باب المفاهيم تترتّب عليه ثمرات ، منها : في مسألة أداة الشرط بأنّه هل لها إطلاق أم لا؟ فلا يخلو البحث فيها عن فائدة كما توهّم ، وفيه أقوال :