الأمارات ـ مثل خبر الثقة ـ ومعاملتها معاملة القطع ، والشارع أيضا أمضاها ولو بصورة عدم الردع.
ومعنى الحجّيّة التأسيسيّة عبارة عن جعل الشارع الحجّيّة مستقلّا للأمارات مثل الشهرة الفتوائيّة ، كما أنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) جعل الحجّيّة من الأحكام الوضعيّة التي تكون قابلة لتعلّق الجعل الاستقلالي بها.
وأمّا على القول بالحجّيّة التأكيديّة والإمضائيّة فيكون الحكم عند العقلاء عدم الإجزاء ، وهكذا عند الشارع ؛ إذ العقلاء يعاملون خبر الثقة معاملة القطع بالعدم عند انكشاف خلافه ، فيحسبون ما عمل مطابقا لمفاده كالعدم ، كأنّه لم يتحقّق شيئا فلا يجزي عن شيء ، وهكذا في الشرع بعد فرض إمضاء الشارع طريق العقلاء في مسألة الحجّيّة ، فإذا أخبرنا زرارة بعدم كون السورة جزء للصلاة وصلّينا زمانا كثيرا بدونها ـ استنادا إلى هذا الخبر ـ ثمّ انكشف الخلاف فلا معنى للإجزاء هاهنا. وهكذا على القول بالحجّية التأسيسيّة يكون الحكم عدم الإجزاء ؛ بأنّ الشارع في مقام جعل الحجّيّة لخبر الثقة ، كأنّه قال : جعلت خبر الثقة حجّة ؛ لأنّه كاشف عن الواقع وطريق إليه في حدّه ، وإذا بيّن العلّة فمن المعلوم أنّها تعمّم الحكم وتخصّصه وترفع الإبهام عن وجهه ، كقوله : «الخمر حرام لأنّه مسكر» ، فإن زال الإسكار يزول الحكم أيضا.
وبناء على هذا إذا دلّ الخبر على أنّ السورة ليست من أجزاء الصلاة ـ مثلا ـ وصلّينا مدّة مديدة بدونها ـ استنادا إلى هذا الخبر ـ ثمّ انكشف خلافه فالقاعدة تقتضي عدم الإجزاء ؛ إذ لا معنى لكشف الخلاف ، إلّا أنّه لم يكن طريقا إلى الواقع ، بل نحن توهّمنا طريقيّته وكاشفيّته ، كما أنّ هذا هو الحال في
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٣٣.