الأمر ، بل كانت الإرادة من الابتداء مغيّاة ومحدودة به.
والحاصل : أنّ الإجزاء سواء كان بمعنى الكفاية أو سقوط الأمر أو سقوط الإرادة لا يمكن أن تكون كلمة «يقتضي» بمعنى العلّيّة والتأثير ، فالأولى دفعا للتوهّم أن يقال : إنّ الإتيان بالمأمور به هل هو مجز أو لا؟
ولكنّ الحقّ : أنّ الإشكال المذكور مع كونه قابلا للاستفادة العلميّة ليس بوارد على صاحب الكفاية قدسسره بنظري القاصر ؛ لأنّ كلمة «الاقتضاء» و «العلّيّة» قد تستعمل في لسان الفلاسفة وأهل المعقول في المباحث الفلسفيّة بلحاظ أنّ الموضوع فيها هو الوجود والواقعيّة ، فيجري جميع ما حكيناه عن الإمام قدسسره من أن تكون العلّيّة بمعنى الإيجاد والتأثير ، وأنّ طرفي العلّة والمعلول لا بدّ من كونهما واقعيّتين تكوينيّتين.
وأمّا في استعمالات الفقهاء والاصوليين فنحن نرى كثيرا ما استعمال كلمة «الاقتضاء» و «العلّيّة» و «السببيّة» مع أنّ العلّة والمعلول أو المعلول فقط أمر اعتباري ، كقولهم : الكرّيّة علّة لاعتصام الماء عن النجاسة مع ملاقاة الماء القليل علّة لانفعاله ، وإتلاف مال الغير سبب للضمان ، والنكاح سبب للزوجيّة ، وأمثال هذه التعابير لا تعدّ ولا تحصى في الفقه ، مع أنّ الكرّيّة والاعتصام والانفعال والضمان والزوجيّة من الامور الاعتباريّة ، ولكنّ المقصود في هذه الموارد من السببيّة والعلّيّة السببيّة الشرعيّة ، وأكثر هذه الامور تتحقّق عند العرف والعقلاء بعنوان العلّة والسبب ، وأمضاه الشرع أيضا كالنكاح مثلا ، فمرادهم من «النكاح سبب للزوجيّة» : أنّ النكاح سبب عقلائي وعرفي وشرعي للزوجيّة ، وليست العلّيّة فيها بمعنى العلّيّة الفلسفيّة ، فلا مانع من كون كلمة «الاقتضاء» في ما نحن فيه بمعنى العلّيّة الشرعيّة ، أي الشارع جعل