إلى صاحب الفصول (١) ، ويؤيّده أنّ الفور والتراخي من قيود الزمان ، وكما أنّ المكان لا يتبادر منها كذلك الزمان لا ينسبق إلى الذهن.
والقائل بالفور بعد تسليم هذا الانسباق يقول : إنّ لنا طرقا أخر لاستفادة الفوريّة لا في جميع الأوامر ، بل في الأوامر الشرعيّة فقط :
أحدها : ما حكيناه عن المحقّق الحائري قدسسره فيما مضى ، ومن الآثار المترتّبة عليه الفوريّة في هذا المبحث ، وهو أنّ العلل الشرعيّة كالعلل التكوينيّة في جميع الأحكام والآثار والخصوصيّات ، ومن الآثار المتحقّقة في العلل التكوينيّة فوريّة ترتّب المعلول على علّته وعدم انفكاك المعلول عنها خارجا ، وهكذا في العلل الشرعيّة ، فإذا تحقّقت العلّة الشرعيّة يتحقّق المعلول الشرعي ، ومن العلل الشرعيّة الأوامر ، فبمجرد تحقّق الأوامر الشرعيّة لا بدّ من تحقّق المعلول فورا بواسطة المكلّف.
وجوابه : تقدّم أنّه لا دليل على هذا التشبيه ، سيّما التشبيه بجميع الآثار التي منها تحقّق المعلول بتحقّق العلّة ، فهو ادّعاء بلا دليل.
على أنّ لنا دليلا على خلافه ، وهو أنّه لا يقدر أحد ـ سوى الباري ـ على سلب العلّيّة عن العلّة التكوينيّة ، ولكن في الواجبات الشرعيّة نحن نرى كثير ما تحقّق الوجوب فعلا ، مع أنّ الواجب لا يتحقّق إلّا بعد مدّة مديدة كما في الواجب المعلّق مثل الحجّ ؛ لأنّ وجوبه يتحقّق بمجرّد تحقّق الاستطاعة ، ولذا يجب على المكلّف الإتيان بالمقدّمات ، وأمّا الواجب فلا يتحقّق إلّا في الموسم ، فانتقض هذا الدليل العقلي أو شبه العقلي بهذا المورد ؛ بأنّ القول بالواجب المعلّق يستلزم التفكيك بين العلّة والمعلول الشرعي.
__________________
(١) الفصول الغروية : ٧١.