مفاد الهيئة جزئيّ فكيف يمكن تقييد المعنى الجزئي بالمفهوم الكلّي؟! والثانية : أن يقيّد البعث والتحريك الاعتباري بوجود ومصداق الإرادة الحتميّة ، وهو أيضا مستحيل ، فإنّه تقييد المعلول بعلّته ؛ إذ البعث والتحريك معلول للإرادة ولو بمراتب ، فلو تقيّد البعث بوجوده الخارجي بوجود الإرادة الحتميّة لزم كون المتقدّم متأخّرا أو المتأخّر متقدّما.
نعم ، هناك تصوير آخر وإن كان يدفع به الاستحالة في مقام الثبوت ، إلّا أنّ التبادر والتفاهم في مقام الإثبات على خلافه ، فإنّه قد مرّ آنفا أنّ الوضع في باب الحروف عامّ والموضوع له خاصّ بأنّ الواضع حين الوضع يتصوّر معنى عامّا كلّيّا فيضع اللفظ لمصاديقه. إنّما الكلام في أنّ هذا المعنى العامّ الكلّي المتصوّر هل يكون معنى حرفيّا حتّى يكون جامعا ذاتيّا للمصاديق أو يكون معنى اسميّا حتّى يكون جامعا عرضيّا لها؟ ولا بدّ من القول بكونه معنى اسميّا ؛ لأنّ تصوّر هذا المفهوم العامّ لا يحتاج إلى شيئين ، مع أنّ المعنى الحرفي الجزئي لا يقبل الجامعيّة ، فيكون هذا المعنى العامّ معنى اسميّا وجامعا عرضيّا للمعاني الحرفيّة ، فيتصوّر الواضع حين الوضع معنى كلّيّا اسميّا بعنوان جامع عرضي للمعاني الحرفيّة ، وهكذا في باب هيئة «افعل» يتصوّر الواضع مفهوم الكلّي للبعث والتحريك الاعتباري ووضع الهيئة لمصاديقه ، فإذا كان المتصوّر أمرا كلّيّا فلا إشكال في تقييده ، فالمتصوّر عبارة عن البعث والتحريك الاعتباري الناشئ من الإرادة الجدّيّة والحتميّة ، فالكلّي قد قيّد بكلّي آخر ، ولا استحالة في مقام الثبوت ، ولكنّ المتبادر من الهيئة لدى العرف في مقام الإثبات هو كلّي البعث والتحريك الاعتباري لا المقيّد. هذا تمام كلام الإمام قدسسره مع توضيحه.
ولكن يستفاد من كلامه قدسسره صدرا وذيلا ما لا يكون قابلا للالتزام ، وهو أنّ