التلبّس بالمبدإ بنحو خاصّ على اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف الموارد تارة ، واختلاف الهيئات اخرى ، من القيام صدورا ـ كالإعطاء والضرب ـ أو حلولا ـ كالمرض ـ أو وقوعا عليه ـ كالضرب بالنسبة إلى المضروب ـ أو فيه ـ كمجلس ومسجد ـ أو انتزاع المبدأ عن الذات مفهوما مع اتّحاد معها خارجا كما في صفاته تعالى ، أو مع عدم تحقّق إلّا للمنتزع عنه كما في الإضافات ـ نحو الابوّة ـ والاعتبارات ـ نحو الملكيّة ـ التي لا تحقّق لها ولا يكون بحذائها في الخارج شيء ، ففي صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له مفهوما وقائما به عينا ، لكنّه بنحو من القيام ، لا بأن يكون هناك اثنينيّة وكان ما بحذائه غير الذات ، بل بنحو الاتّحاد والعينيّة وكان ما بحذائه عين الذات ، وعدم اطّلاع العرف على مثل هذا التلبّس من الامور الخفيّة لا يضرّ بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة ولو بتأمّل وتعمّل من العقل ، والعرف إنّما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم لا في تطبيقها على مصاديقها. هذا ملخّص كلامه قدسسره.
وما يستفاد من كلام الإمام قدسسره (١) وبعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات (٢) أنّه لا يعتبر في جري المشتقّ على الذات تلبّسها بالمبدإ حتّى نحتاج إلى توسعة دائرة التلبّس وشمول الموارد التي لا يساعدها العرف ، وينتهي الأمر إلى إنكار مرجعيّة العرف ، بل المعتبر فيه واجديّة الذات للمبدا في قبال فقدانها له ، وهي تختلف باختلاف الموارد ، فتارة يكون الشيء واجدا لما هو مغاير له وجودا ومفهوما ، كما هو الحال في غالب المشتقّات.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٢٨.
(٢) محاضرات في الفقه ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٢.