ثمّ ذكر قدسسره مؤيّدا لصحّة السلب عمّا انقضى عنه المبدأ ، وحاصل ما ذكره قدسسره : أنّه لا ريب في مضادة الصفات المأخوذة من المبادئ المتضادّة ، كالقائم والقاعد المأخوذين من القيام والقعود ، فهما متضادّان بحسب معناهما المرتكز في الذهن ، فلو كان المشتقّ موضوعا للأعمّ لزم صدق الصفة المنقضية على الذات حين اتّصافهما بضدّها ، كصدق القائم على من انقضى عنه القيام حين اتّصافها بالقعود ، وهذا علامة كونها صفات متخالفة لا متضادّة ، وهو خلاف ما ارتكز في الذهن ، فالتضادّ بين الصفات كالتضادّ بين المبادئ دليل على أنّ المشتقّ وضع لخصوص المتلبّس بالمبدأ.
ولكنّه أيضا يرجع إلى التبادر ؛ إذ المتبادر من القائم هو خصوص المتلبّس بالمبدإ ، ولذا يكون بينه وبين القاعد مضادة ، ولو لم يكن التبادر يمكن القول بعدم المضادّة بين القائم والقاعد ، وهكذا بين الأسود والأبيض ، فالعمدة من الأدلّة ـ وهو التبادر وغيره ـ إمّا لا أساس له ، وإمّا أن يرجع إلى التبادر كما هو المعلوم.
وأمّا القائل بالأعمّ فلا بدّ لنا من البحث معه في مقام الثبوت قبل مقام الإثبات ، وهو أنّ الاشتراك قد يكون معنويّا وقد يكون لفظيّا ، والمشترك اللفظي قد يتحقّق بتعدّد الوضع ـ مثل وضع لفظ «عين» لمعان متعدّدة ـ وقد يتحقّق بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، وهو أن يلاحظ معنى كليّا ، ثمّ وضع اللفظ لمصاديقه بحيث يكون كلّ مصداق معنى مستقلّا له ، فيكون الموضوع له متعدّدا بوضع واحد ، والاشتراك المعنوي ما يتحقّق بوضع واحد للموضوع له الواحد الجامع بين المعنيين أو المعاني.
والقائل بالأعمّ يدّعي في ما نحن فيه اشتراكا معنويا ، فلا بدّ له من مفهوم