هو الاشتغال به ، فإطلاق المشتقّ على من لم يتلبّس به أو انقضى عنه يكون مجازا كالشارب والضارب ، فما يترتّب على اختلاف المبادئ هو طول زمان التلبّس بها وقصره ، فالشجرة المثمرة يصدق عليها عنوان المثمر في جميع فصول السنة ما دامت لها قابليّة الإثمار وشأنيّته ، وإذا زالت عنها هذه الشأنيّة فينقضي عنها المبدأ.
وهذا الكلام وإن كان صحيحا بحسب الظاهر والنظر الابتدائي ولكن الواقع والنظر الدقّي يقتضي خلافه ، فإنّ أكثر المبادئ يكون بنحو الفعليّة ؛ إذ التاجر ـ مثلا ـ مادّته عبارة عن التجارة لو أخذ فيه عنوان الحرفة ، كيف ينطبق في الآية الشريفة : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)(١) ، مع أنّه لا شكّ في أنّ المراد من التجارة فيها هو صدور التجارة وفعليّتها لا حرفته ، وهكذا الخيّاط ـ مثلا ـ مبدأه عبارة عن الخياطة ، ولا يؤخذ فيه عنوان الحرفة ؛ إذ لو نذر أحد أن لا يتحقّق منه الخياطة فلا شكّ في تحقّق المخالفة والحنث بتحقّق عنوان الخياطة ولو لم يجعل حرفته ذلك. وهكذا في مثال القوّة فمثلا : كما أنّ تنجيس المصحف يكون محرّما كذلك يحرم كتابته بالمركّب النجس ، ومعلوم أنّ المراد منه الكتابة الفعليّة لا الكتابة بالقوّة ، وهكذا في أكثر المبادئ أخذ عنوان الفعليّة حتّى في مبدأ المثمر ، فإنّ مبدأه عبارة عن الإثمار ، فلو أخذ فيه عنوان الشأنيّة كانت إضافة كلمة الشأنيّة إليه في الاستعمالات لغوا.
نعم ، كلمة الاجتهاد بوحدتها تكون في الاصطلاح بمعنى الملكة والقدرة على الاستنباط ، إلّا أنّها ليست في اللغة كذلك ، بل تكون بمعنى استفراغ الوسع
__________________
(١) النساء : ٢٩.