ومن هنا يظهر أنّ استعمال اللفظ الواحد في مجموع المعنيين بما هو كذلك ، أو في قدر جامع بينهما أو في أحدهما على سبيل البدليّة ، أو في أحدهما أصالة وفي الاخرى تبعا ، خارج عن محلّ النزاع ، فمحلّ النزاع فيما إذا كان كلّ واحد من المعنيين مرادا من اللفظ على سبيل الاستقلال والانفراد.
وأمّا في المرحلة الاولى فقال المحقّق الخراساني قدسسره (١) باستحالته ، وقال في مقام الاستدلال : إنّ حقيقة الاستعمال ليس جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى حتّى يقال : إنّه لا إشكال في جعل اللفظ علامة للمعنيين ، بل هي عبارة عن جعل اللفظ فانيا في المعنى وعنوانا له ، بل بوجه نفسه كأنّه الملقى ، ولذا يسري إلى اللفظ حسن المعنى وقبحه ، فلحاظ اللفظ وجها للمعنى وفانيا فيه ينافي لحاظه وجها لمعنى آخر مع فرض وحدة اللحاظ ، حيث إنّ لحاظه كذلك لا يكاد يكون إلّا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون ، ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال؟! فلا يمكن جعل لفظ واحد في آن واحد فانيا في اثنين ووجودا ووجها لهما معا ، إلّا أن يكون اللاحظ أحول العينين.
ولا يخفى أنّ في هذه العبارة ثلاث احتمالات :
الأوّل : أن يكون مدار كلامه قدسسره في الاستعمال بأنّ ماهيّة الاستعمال فناء اللفظ في المعنى ، وبعد فنائه في المعنى الأوّل فليس له وجود سوى وجود هذا المعنى حتّى يفنى في المعنى الثاني ، فإن كان مراده هذا الاحتمال ففيه :
أوّلا : أنّ ماهيّة الاستعمال ليست فناء اللفظ في المعنى وإن كان له عنوان
__________________
(١) المصدر السابق.