من حيث الطهارة عند الأعمّي. فهذا التقريب ليس بتامّ.
وأمّا الاحتمال الثاني فإن يكون النهي في الحديث إرشاديّا ، بأن يكون الخلو من الحيض من شرائط الصحّة عند الشارع ، مثل قوله عليهالسلام : «لا تبع ما ليس عندك» (١) ، فلا يكون معناه حرمة البيع رأسا ، بل معناه عدم وقوع البيع لغير المالك ، فإنّه مشروط بأن يكون البائع مالكا أو مأذونا في البيع ، وهكذا في ما نحن فيه ؛ لأنّ صلاة الحائض مشتملة على المانع ، فتكون الصلاة في حال الحيض باطلة ، وأمّا إتيانها بعنوان المأمور به فيوجب إسناد ما ليس من الشارع إليه ، فتكون الحرمة من حيث التشريع لا من جهة نفس العمل.
وأمّا تقريب الاستدلال على هذا الاحتمال بأنّه يشترط في التكليف ـ سواء كان مولويّا أو إرشاديّا ـ أن يكون متعلّقه مقدورا للمكلّف ، فحينئذ لو قال الشارع : الحيض مانع من الصلاة أو يشترط في الصلاة الخلو عن الحيض ، فلا شكّ في أنّ المراد من الصلاة هنا هي الصلاة الصحيحة ، ولا يكون قابلا للاستدلال.
وأمّا لو قال : «دعي الصلاة أيّام أقرائك» ، فلازمه أن تكون الصلاة مقدورة للمكلّف من حيث الفعل والترك ، ومعلوم أنّ الصلاة الصحيحة ليست مقدورة لها ، فلا محالة يكون متعلّق النهي ما هو الأعمّ من الصحيح والفاسد حتّى يكون المكلّف قادرا على إيجاده وتركه ، وهذا لا يستلزم أن تكون للصلاة حرمة ذاتيّة ؛ إذ النهي إرشادي بمعنى عدم وقوع صلاتك صحيحة.
ومن الوجوه التي استدلّ بها الأعمّي أنّه لا شبهة ولا إشكال في صحّة تعلّق النذر بترك الصلاة في مكان تكره فيه ـ كالحمّام مثلا ـ بأن يقال : لله عليّ ألّا
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٤٧ ، الباب ٧ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ٢.