وبعضها ليخاطب بها المعنى ، والإشارة والتخاطب يستدعيان التشخّص كما لا يخفى ... ولكن التشخّص الناشئ من قبل الاستعمالات لا يوجب تشخّص المستعمل فيه ... فدعوى أنّ المستعمل فيه في مثل «هذا» و «هو» و «إيّاك» إنّما هو المفرد المذكّر ، وتشخّصه إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ إليه ... غير مجازفة.
ومراده أنّ الوضع والموضوع له والمستعمل فيه فيها عامّ وكلّي ، وهو المفرد المذكّر ، والفرق في مقام الاستعمال فقط ، ونظيره قال في باب الحروف في مقام الفرق بين كلمة «من» و «الابتداء» :
مقدمة :
لا يخفى أنّ مورد استعمال كلمة «هذا» عبارة عن الإشارة الحضوريّة ، وأنّ عنوان الإشارة يكون من المعاني الحرفيّة المتقوّمة بالطرفين ـ أي المشير والمشار إليه ـ كالظرفيّة المتقوّمة بالظرف والمظروف ، هذا متّفق عليه ، ولكنّ الإشارة على نوعين : إحداهما : إشارة عمليّة محضة ، وهي مستقلّة لا يحتاج في تحقّقها إلى اللفظ ، كالإشارة باليد وسائر الجوارح.
والثانية : إشارة لفظيّة ، وأمّا في تحقّقها مستقلّة أو أنّها تحتاج إلى اقترانها مع الإشارة العمليّة فاختلف العلماء فيه.
قال بعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات : «إنّ كلمة «هذا» أو «ذاك» لا تدلّ على معناها وهو المفرد المذكّر ، إلّا بمعونة الإشارة الخارجيّة كالإشارة باليد ـ كما هي الغالب ـ أو بالرأس أو بالعين ، وضمير الخطاب لا يبرز معناه إلّا مقترنا بالخطاب الخارجي» (١).
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٩١.