اتّفقا فيما استعملا فيه ، بمعنى أنّهما أيضا متّحدان من حيث الوضع والموضوع له والمستعمل فيه ، ومختلفان في الداعي ، فإنّه في الإنشاء قصد إيجاد المعنى ، وفي الخبر قصد الحكاية عنه وإن كان في كلامه نوع من المسامحة ، وظاهره يدلّ على خلاف مقصوده.
توضيح ذلك يتوقّف على مقدّمة ، وهي : أنّ الجملات التي يستعملها المتكلّم في مقام الإفادة على ثلاثة أقسام : أحدها : ما يستعمل في مقام الإخبار فقط ، مثل جملة «زيد قائم» فإنّها جملة خبريّة محضة ، واستعمالها في مقام الإنشاء باطل قطعا.
وثانيها : ما يستعمل في مقام الإنشاء فقط ، ولا يتحقّق بها إلّا الإنشاء ، مثل صيغة «افعل» وهي أمر إنشائي ، سواء استعمل في مقام الأمر الوجوبي أو الاستحبابي أو في مقام توهّم الحذر ؛ إذ الجواز أيضا أمر إنشائيّ.
وثالثها : ما قد يستعمل في مقام الإنشاء ، وقد يستعمل في مقام الإخبار ، مثل جملة «بعت داري» ونحوها.
ولا يخفى أنّ المراد من الاختلاف في الخبر والإنشاء في كلامه قدسسره هو القسم الثالث منها ، وقال : إنّ لجملة «بعت كذا» معنى واحدا ، لا دخل للإنشاء والإخبار في حقيقته ، ولكن إن استعملت في مقام إنشاء البيع تجد عنوان الإنشائيّة ، وإن استعملت في مقام الإخبار عمّا سبق تجد عنوان الخبريّة ، وليس لها معنيان مختلفان في الحقيقة.
ولكن يرد عليه : بأنّه قدسسره استفاد من الأدلّة الامتناع والاستحالة في بحث الحروف ؛ إذ الخصوصيّة التي قال بها الجمهور في الموضوع له الحروف لا محلّ لها خارجا ولا ذهنا ، ثمّ اختار المبنى المذكور ، وأمّا في بحث الخبر والإنشاء