نعم ، هو متّحد مع الإرادة الفعليّة ، إذ هو عين الاقتضاء الحاصل بصيغة الإنشاء ، كما مرّت الإشارة إليه.
نعم ، قد يقال بحصول إرادة الطاعة من خصوص المطيع ، نظرا إلى إرادة اتّحاده فإنّها إرادة الطاعة بالعرض ، حيث إنّ إرادة السبب إرادة لمسبّبه كذلك مع العلم بالسببيّة ، ويجري خلافه بالنسبة إلى الآخر ، وذلك كلام آخر لا ربط له بالمقام.
ويشير إلى ذلك ـ أي تعدّد الإرادتين المذكورتين ـ ما ورد (١) من أنّ الله تعالى أمر إبليس بالسجود لآدم عليهالسلام ولم يشأ منه ذلك ، ونهى آدم عليهالسلام عن أكل الشجرة وشاء منه ذلك. فظهر بذلك أنّ الأوامر الامتحانيّة أوامر حقيقيّة مشتملة على حقيقة الطلب المدلول لصيغة الأمر الحاصلة بإنشاء الصيغة وإيجادها على نحو غيرها ، وإن خلت عن إرادة الفعل على الوجه الآخر فإنّ تلك خارجة عن مفاد الأمر ، كما بيّنّاه ، ولم أر من نبّه من الأصحاب على ما قرّرناه من مغايرة حقيقة الطلب الحاصل بالصيغة لإرادة الفعل على الوجه المفروض سوى المدقّق المحشّي رحمهالله فإنّه أشار إلى ذلك في بحث مقدّمة الواجب ، قال : إنّ العلم بعدم الصدور أو امتناعه لا يستلزم القبح إلّا لإرادة وجود الفعل وطلبه وقصد تحصيله ، إذ بعد العلم بعدم الوقوع قطعا لا يجوز من العاقل أن يكون بصدد حصول ذلك الشيء ، ويقضي العقل بأنّ الغرض من الفعل الاختباري يجب أن يكون محتمل الوقوع وإن لم يجب أن يكون مظنونه ومعلومه.
وقد تقرّر أنّ الغرض من التكليف ليس ذلك بل الابتلاء ، لا بمعنى تحصيل العلم بما لم يكن معلوما ، بل بمعنى إظهار ما لم يكن ظاهرا. انتهى.
وهو كما ترى صريح في ما قرّرناه ، إلّا أنّه مخالف لظاهر ما اختاره الأصحاب من اتّحاد الطلب والإرادة.
__________________
(١) البقرة : ٣٤ ـ ٣٦.